- موضوعات علمية
- /
- ٠1موضوعات علمية من الخطب
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين, اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم
اللهم علمنا ما ينفعنا, وانفعنا بما علمتنا, وزدنا علماً, وأرنا الحق حقاً, وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً, وارزقنا اجتنابه, واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه, وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
ما هي المعاني التي تلتف حول هذه الآية: أمن جعل الأرض قراراً ؟
1- استقرارها :
أيها الأخوة الأكارم, ورد في الخطبة الأولى، قوله تعالى:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
معنى قراراً، أي من جعلها مستقرةً؟ الأرض تتحرك، الأرض تسير في الثانية الواحدة ، ما يزيد عن ثلاثين كيلو متراً .
نحن في هذه الخطبة، وقد مضى علينا ثلاثون دقيقة، قطعنا ثلاثين كيلو متر، ضرب ستين، ضرب ثلاثين، أي لا أدري كم من آلاف، أو من مئات آلاف الكيلو المترات، في هذه الخطبة التي ألقيتها على مسامعكم؟ قال تعالى:
﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾
ومع هذه السرعة الفائقة، إن الأرض مستقرةً استقراراً تاماً، بحيث أنها لو تحركت ما يزيد عن ميليمتر، لتصدعت الأبنية ولتشققت، البناء مضى عليه مئتا عام، ثلاثمئة عام، هو هو ، وهذا دليلٌ أن الأرض مستقرة، ولن يستطيع الإنسان, وليس في قدرته أن يصنع مركبةً لا تهتز أبداً, قال تعالى:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
والدليل، الزلازل إن اهتزازاً طفيفاً لثوانٍ معدودات، يجعل مدينةً بأكملها, كلَّفت مئات آلاف الملايين، يجعلها أنقاضاً، هذه الزلازل، إن الزلزال آيةٌ على هذه الآية, قال تعالى:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
لو أن الأرض تهتز، وليست مستقرة، لما أمكن أن نسكن في البيوت، ولا أمكن لحياتنا أن تستقر, قال تعالى:
﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السحاب﴾
هذه آيةٌ كبيرة، لشدة استقرارها، تظنها ساكنة, قال تعالى:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
هذا المعنى الأول .
2- انجذاب كل ما حول الأرض إلى الأرض :
المعنى الثاني: لولا أن كل شيءٍ حول الأرض ينجذب إلى الأرض، لتطاير كل ما عليها، كل شيءٍ على الأرض منجذبٌ إلى نواة الأرض، إذاً: كل شيءٍ يستقر عليها، الحجر يستقر عليها، والجبل يستقر عليها، وكل شيءٍ خلقه الله على الأرض، جعله مرتبطاً بالأرض ارتباط التجاذب، فوزن الأشياء في الحقيقة هي قوة جذب، نواة الأرض إلى ما عليها، هذه الجاذبية، تقول: هذا كيلو، أي مجذوبٌ إلى نواة الأرض بقوةٍ تساوي هذا الوزن, قال تعالى:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
جعل الأشياء التي عليها، الجبال، البحار، من جعل البحار مستقرةً على سطح الأرض ؟
الأرض كرة، لها أعلى، ولها أسفل، المحيطات في أسفلها، كيف تبقى ملتصقة بها؟ لولا هذا التجاذب لانفلتت البحار، ولتطايرت الجبال، ولطار الإنسان من على الأرض, قال تعالى:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
3- توافر كل حاجات الإنسان في الأرض :
المعنى الثالث: من خلق لكم في الأرض كل ما تحتاجون، فجعلكم تستقرون على ظهرها؟
الهواء متوافر وبلا مقابل، والماء متوافر، والمعادن وأشباه المعادن، والنباتات، والحيوانات، وكل حاجات الإنسان أودعها الله في الأرض، إذن، استقر عليها وعمرها .
خلاصة القول :
أيها الأخوة الأكارم, إعجاز القرآن في إيجازه, قال تعالى:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
فهمنا منها أنها مستقرة، وفهمنا منها أننا منجذبون إليها، ولولا هذا الجذب لخرجنا منها ، ولا يعرف هذا إلا رواد الفضاء، حينما يصلون إلى منطقة اسمها انعدام الجاذبية، لا شيء يستقر في مكانه، حتى الأدوات في المركبة الفضائية، يضعون الأداة هنا، تطير إلى السقف، لأن هذه المنطقة فيما بين الأرض والقمر تنعدم فيها الجاذبية، فالأشياء لا تستقر، هو نفسه يتمنى أن يجلس، فيرى نفسه في سقف المركبة، أن تقف على الأرض وتبقى عليها واقفاً, هذه نعمة لا يعرفها إلا رواد الفضاء، لأنهم فقدوها في هذه المنطقة, قال تعالى:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
هذا التجاذب، جعلك تستقر عليها، وجعل الأشياء تستقر عليها، وجعل الجبال تستقر عليها، وجعل البحار تبقى على سطحها، وجعل الهواء ملتصقاً بها, قال تعالى:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
المعنى الثالث: توافر كل حاجات الإنسان .
يعني قرأت كلمة: أن في الأرض ما يزيد عن خمسة وثمانين ألف مادةٍ غذائية للإنسان، قال تعالى:
﴿أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً﴾
يا أيها الأخوة الأكارم, فكروا في آيات الله، أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، فكروا في هذه الآيات حتى تحبوه، وأحبوه حتى تطيعوه، وأطيعوه حتى يسعدكم في الدنيا والآخرة .